روّاد الأعمال في القرن الحادي والعشرين
غدا مفهوم ريادة الأعمال في السّنوات القليلة الماضية أوسع انتشارًا وإقبالًا، حيث إنّ العديد من روّاد الأعمال المشهورين الذين تركوا بصمة واضحة في العالم قد أثبتوا جدارتهم باستحقاق، وهو ما بدا من خلال ما أحرزوه من نتائج أكثر من تلك المتوقّعة في رسم نجاحات مجدية على الصّعيد الفرديّ والمجتمعيّ. وقد أصبحت الأعمال الرّياديّة في العالم أجمع طموحًا هادفًا؛ لكونها تحقق حلم صاحب هذه الفكرة الرّياديّة ويطبّقها على أرض الواقع، وبالتّالي تشكّل مصدرًا لوظائف جديدة في سوق العمل، ومصدر دخل آخر يساعد على تحسين الوضع المعيشيّ.
إنّ أيّ عمل رياديّ مستهدف من قبل أصحاب رؤوس الأموال والاستثمارات، فالرّياديّ النّاجح هو الذي يجذب الأنظار له ويقنع أصحاب الاستثمار بقوّة مشروعه لدعمه على إطلاقه بشكل فعليّ. روّاد الأعمال حول العالم كثر، منهم من نهض بمشروعه ومنهم من فشل في تطبيقه، نظرًا للمعطيات التي ارتكز عليها في إنشاء فكرته وإقناع سوق العمل والاستثمار بها لتطبيقها على أرض الواقع.
وفي الحديث عن روّاد الأعمال النّاجحين الذين أثاروا بمشاريعهم الرّياديّة ثورة إبداعية فلا بدّ من ذكر أشهرهم وهم على النحو الآتي:
إنجفار كامبراد: وُلد كامبراد في 30 نيسان 1926م في مزرعة صغيرة مملوكة لوالديه في مقاطعة سمولاند السّويديّة، وفي عام 1943م، وعندما بلغ السّابعة عشرة، قدّم إليه والده مبلغًا بسيطًا كهديّة بسبب علاماته المُرتفعة؛ كمكافأة لأنّه أبلى بلاءً حسنًا في دراسته، وبهذا المبلغ أسس شركته الخاصّة التى أسماها )آيكيا (IKEA . واستوحى اسم (IKEA) من خلال الحرف الأول لكل من اسمه Ingvar Kampard واسم مزرعة والديه Elmtaryd واسم بلدتهAgunnaryd ، حيث جاء الاسم اختصار لعبارة: (INGVAR Kamprad from Elmtaryd, Agunnaryd) في البدء لم تقدّم «آيكيا» سوى الأغراض المنزليّة الصّغيرة والأغراض المكتبيّة البسيطة، كـ الأقلام، والمحافظ، وإطارات الصّور، وشراشف الطّاولات، والسّاعات، والمُجوهرات وخزائن النّايلون ومُنتجات خاصّة بالمكاتب بأسعار مُنخفضة. اكتمل المفهوم الأساسيّ لشركة (آيكيا)، وهو أثاث مسطّح التّعليب، بأسعار في متناول الجميع، يتم تصميمه وتوزيعه وبيعه داخل الشّركة، فقد كانت الفكرة المُحفِّزة لإنشاء )آيكيا(، ومازالت، هي قدرة أيّ شخص على شراء أثاث أنيق وعصريّ، ولم يكن كامبارد يهدف لتقليل أعباء التكاليف وكسب المال فقط، وإنّما كان يسعى لتقديم خدمة أفضل للجمهور أيضًا.
جيفري بريستن بيزوس: المؤسّس، والرّئيس، والمدير التّنفيذيّ ورئيس مجلس إدارة شركة أمازون دوت كوم، تخرّج جيف من جامعة برينستون بولاية نيوجيرسي الأمريكيّة، ثمّ عمل محللًا ماليًا لشركة D.E Shaw قبل أن يؤسّس شركة أمازون عام 1994، وفي عام 1999 اختير جيف بيزوس كـ "شخصية العام" التي تختارها مجلة التّايم كلّ عام. جيف بيزوس من رجال الأعمال الذين لا يعيرون أيّ اهتمام للإعلانات التّرويجيّة في التّلفاز؛ وذلك لاقتناعه بأَّن استخدام الإعلانات التّلفزيونيّة يبني سمعة الشّركة بالاستناد إلى ما تقوله الشّركة عن نفسها، وليس ما يقوله الزّبائن أنفسهم. يقول بيزوس: إذا كان ثمَّة أمرًا اكتشفناه، فهو أنَّ زبائن الإنترنت يتمتّعون بصفات أقوى، وإذا كان في وسعنا إسعاد الزّبائن، سيكون في مقدورهم التّرويج لنا وإخبار خمسة آلاف آخرين عن تجربتهم. وتبلغ ثروته الحالية ما يزيد عن 4.5 مليار دولار.
ستيفن هيلينبيرج: في عام 2014م استطاعت العلامة التّجاريّة (سبونج بوب سكوير بانتس) كسب 13 مليار دولار منذ إصدار الحلقة التّجريبيّة الأولى قبل حوالي 16 عامًا من الآن. لكن هل تساءلت من قبل كيف نشأت فكرة تحويل إسفنجة مطبخ إلى رسوم؟ وكيف اقتنعت الشّبكات التّلفزيونيّة بأنّها ستكون فكرة جيدة بل إنّها ستصبح ظاهرة عالميّة؟ بحسب صاحب فكرة سبونج بوب “ستيفن هيلينبيرج” فقد خطرت الفكرة على باله أثناء تدريسه علم الأحياء البحريّة في معهد أوشين في كاليفورنيا في الثّمانينيّات. ولمساعدة الطّلبة الصّغار قام بإصدار كتاب "The Intertidal Zone" والذي قدّم فيه المخلوقات البحريّة، والتي كانت فيما بعد الأساس لشخصيّات سبونج بوب، بما في ذلك الشّخصيّة الرئيسة والتي أطلق عليها "بوب ذا سبونج". وعلى الرغم من الجهد الذي بذله هيلينبيرج في هذا الكتاب المصوّر والذي حاول أنْ يدمج فيه البيولوجيا البحريّة مع الفنّ، إلا أنّ الكتاب لم يلقَ الصّدى المُتوقع. فقد قدّمه لأكثر من ناشر، ولم يحصل على أيّ اهتمام منهم حتى اكتشف هيلينبيرج ميله إلى الفنّ أكثر من البيولوجيا البحريّة فقرّر الاتجاه إلى مجال الرّسوم المُتحركة، فعمل على دراسة فنّ الرّسوم المُتحركة، وأنشأ فريقه للبدء بعمل فنيّ يطرح فيه محتوى كتابهِ بعد هذه الفترة من الإصرار والمُثابرة. وبعد عرض الحلقة الأولى عام 1999م على قناة نيكولوديون في الولايات المُتحدة حقق سبونج بوب شعبيّة كبيرة ليس بين الصّغار فقط، بل الكبار أيضًا. فخلال الموسم الثّالث من العرض كان 20 مليون من بين 50 مليون مُشاهد من الكبار. وحقق امتياز سبونج بوب مليارات الدّولارات، وجوائز كثيرة، وتسعة مواسم، وفيلمين طويلين، ولا تزال الشّخصيّة قويّة إلى الآن وتحقق نجاحًا.