الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي
أظهر كثير من صُنّاع القرار، بما في ذلك البنوك المركزية، والعديد من جهات الرقابة المالية، اهتمامًا ورغبةً شديدتين في جعل الشمول المالي أولوية؛ تعزيزًا لوصول فئات المجتمع جميعها إلى الخدمات والمُنتَجات المالية، ولتعريف المواطنين بأهمية الخدمات المالية، وكيفية الحصول عليها، والاستفادة منها في تحسين ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية؛ تحقيقًا للاستقرار المالي والاجتماعي، وتعزيز حقوق مُستهلِكي الخدمات المالية وحمايتها عن طريق إعداد السياسات والتعليمات، وتعريف المُتعامِلين مع المؤسسات المالية (الحاليين، والمُحتمَلين) بحقوقهم وواجباتهم.
اهتم البنك المركزي الأردني بمتابعة المستجدات والتطورات الإقليمية والعالمية في مجال تعزيز الشمول المالي؛ إذ بدأ عام 2015م التحضير لإعداد الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي وصياغتها، بالتعاون مع عدد كبير من الشركاء الرئيسيين من القطاعين: العام، والخاص، وقد استهدف تحديدًا - ضمن استراتيجيته- رفع نسب الشمول المالي لذوي الدخل المحدود، والشباب، والنساء، واللاجئين، والشركات الصغيرة والمتوسطة، وعمل على صياغة الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي للأفراد وقطاع الأعمال في المملكة، بناءً على أدلة واضحة موثوقة، بما ينعكس إيجابًا على التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بالتوازي مع أهداف التنمية المستدامة الصادرة عن الأُمم المتحدة.
مفهوم الشمول المالي:
تمكين (أو دمج) الفئات المُهمَّشة ماليًّا، أو ذوي الدخل المالي المنخفض الذين لا يُسمَح لهم بالمشاركة في عمليات الجهاز المصرفي، من التعامل مع الجهاز المصرفي، كما يمتاز الشمول المالي بتقديم الخدمات المالية باستخدام الطرائق السھلة البسيطة، وبأقل التكاليف.
مُسوِّغات تطبيق الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي وتطويرها في المملكة الأردنية الهاشمية:
1- النسبة المرتفعة للأشخاص المُستبعَدين ماليًّا: بناءً على الدراسة التشخيصية التي أَعدَّها البنك المركزي الأردني عام 2017م، فإنَّ 67% من الأردنيين لا يستطيعون الوصول إلى الخدمات المالية الرسمية استنادًا إلى نسبة امتلاك الحسابات، وأنَّ 38% من البالغين مُستبعَدين من أيِّ خدمات مالية رسمية تبعًا لظروف مُتعلِّقة بمناطق سكنهم، وبُعْدهم عن الأماكن التي تتوافر فيها الخدمات المالية.
2- وجوب الإسهام في تحقيق أهداف التنمية المستدامة: ستُسهِم الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي في التقليل من عدم المساواة الاقتصادية والاجتماعية بين فئات المجتمع الأردني في المملكة بما يُوائِم خطة تحفيز النمو الاقتصادي.
وفي ما يأتي الإجراءات الواجب اتباعها لتحقيق هذه المساواة، وتوفير المستوى المعيشي الأفضل للفئات المُستهدَفة:
إيجاد مصادر جديدة كافية للتمويل، وتوفير مجموعة من الخدمات المالية للشركات الصغيرة والمتوسطة على نحوٍ يُسهِم في إيجاد مزيد من فرص العمل، وبخاصة لذوي الدخل المحدود، ونسبة كبيرة من الشباب المُتعطِّل من العمل.
تعزيز المساواة بين الجنسين بما يُسهِم إيجابًا في النهوض بالإمكانات الاقتصادية للنساء ورائدات الأعمال في المجتمع.
زيادة فرص الوصول والاستخدام للخدمات المالية الرسمية للاجئين؛ ما يُضيِّق هُوَّة التفاوت وعدم المساواة الاقتصادية والاجتماعية، وذلك بتعزيز اعتمادهم على أنفسهم، وتمكينهم من الإسهام في النشاط الاقتصادي.
إيصال مختلف الخدمات المالية إلى مناطق المملكة جميعها، بما في ذلك المناطق النائية؛ ما يُضيِّق هُوَّة التفاوت في وصول الخدمات المالية إلى مختلف أنحاء المملكة.