آلية ظهور النقود الورقية وتطورها
نشأت النقود الورقية عندما خشي الأفراد على نقودهم الذهبية والفضية من الضياع والسرقة، فاحتفظوا بها عند أشخاص معينين مقابل أجر يتناسب مع مدة حفظها لحمايتها من الضياع أو السرقة، ومن هنا ظهرت مهنة الصيرفة.
ومع ازدياد حجم التجارة ازدادت نقود الأفراد لدى العاملين بالصيرفة، الذين سرعان ما اكتشفوا أن نسبة كبيرة من النقود تظل لديهم بصفة دائمة دون طلب، مما دفعهم إلى النظر في توظيف هذه الأموال غير المستخدمة واستغلالها في عمليات إقراض مقابل أجر ومن ثم زيادة أرباحهم.
وحتى يجذب الصرافون أصحاب الأموال للإقبال على عملية إيداع أموالهم لديهم، تنازلوا عن طلب أجر نظير حفظ النقود، ثم منحوا من يودع نقوده لديهم فائدة، وذلك مقابل إيصالات يصدرها الصراف. وبازدياد ثقة الناس في هذه الإيصالات، تم تبادلها في السوق دون الحاجة إلى صرف قيمتها ذهبا. وبذلك، ظهرت أول أشكال النقود الورقية في صورة هذه الإيصالات النمطية، وأصبحت تتداول من يد إلى يد.
واقتصر إصدار هذه النقود على البنك المركزي المملوك للحكومة. وقد تميزت هذه النقود بثبات قيمتها النسبية؛ وذلك لإمكانية إبدالها بالذهب في أي وقت، بالإضافة إلى تجنب ضياع العملات المعدنية وتآكلها نتيجة تداولها وإعادة صكها وصياغتها. يمكننا تعريف النقود الورقية بأنها قطعة من ورق خاص، تزين بنقوش خاصة، وتحمل أعدادا صحيحة، يقابلها في العادة رصيد معدني بنسبة خاصة يحددها القانون، وتصدر إما عن الحكومة أو عن هيئة تبيح لها الحكومة إصدارها؛ ليتداولها الناس.